٢٠١١/٠٣/١١

قطار



1
أقف في محطة القطار حاملاً طفلتي الصغيرة ... فور توقفه قفزت داخله ، جلست وطفلتي بين يدي على المقعد .. دقائق وبدأ القطار في الحركة ... كان يسير رويداً رويداً ؛ فتهتز رأسي اهتزازة خفيفة ، تربت طفلتي على يدي .. تطمئنني ..
تزداد السرعة ، ترتجف رأسي ... وجواري ألف رأس أخرى ... أميل على الصغيرة كي أستمد قوتي منها .. أضغط بيدي على ظهرها فتتأوه .. آه .. تحمل كل آلام الضغطة .. تبتعد يدي عنها وتتفحصها عيناي .. أجدها تبكي .. أهدهدها.. تسكت .. تزداد السرعة أكثر .. أمسك يدي تلك المرة عن صغيرتي .. وفقط ... أنظر إليها .. تدب الحياة في ... ثم يعود القطار لسرعته الأولى .. تهدأ الطفلة ... ويشيخ شعر رأسي ...

2
أسمع صوت اصتكاك عجلات بالقضبان، أرى الشرارة ... ،
تندفع الصافرة تعلن الاستعداد ... ،
تنزع طفلتي يدها من يدي وفي قفزة سريعة تستقل القطار ...
يتبع قلبي قفزتها فيندفع الجسد – لا إرادياً- في الحركة ..
يتحرك القطار وعلى الجانبين مساحات خضراء تدعوني للتفاؤل ...
تبتسم طفلتي لي .. أحتضنها .. يزداد عمر الفرح ...
ينتقل القطار من محطة لأخرى ومع انتقاله تتقلب طفلتي بين أحضاني
اعتدت تقلبها أثناء الرحلة وبالرغم من ذلك أفاجأ ..
3
لازالنا بالقطار .. يتحرك نفس الحركة منذ أمد ..
وطفلتي معي منذ أول صرخة نداء أعلنها " القطار" ...
تشيح بوجهها عني ، وتزداد غربتي وهي بين يدي ..
أتركها .. وأنظر إلى الأفق عبر نوافذ القطار ..
فتفتح يديها الصغيرتين إلي ...

٢٠١١/٠٣/٠٤

الثمن


نظرت طويلا للجهة المقابله من الطريق ... ، جذبها المتجر بواجهته البراقة
رأت أحدهم يقف أمامه يمعن النظر ، تأخذه الحيرة في بحر الانجذاب للأشكال والأنواع المختلفة ، إلى أن استقر على أفضلهن شكلا ، دفع باب المتجر بيده الفارغة ، استقبله البائع بابتسامة ، جرت محاورة ومفاوضة ،
ثم خرج وعلى وجهه ابتسامة الرضا .. وفي يده لفافة من السوليفان الأحمر..
كانت تتمنى أن تقتني بدورها إحدى تلك اللفافات الحمراء .. وتدفع نفسها التي كانت ما بين إقدام وإدبار في اتجاه أمنيتها
في تلك اللحظة ظهر أحدهم ، اتجه صوبها ، شعرت به وهو يقترب منها بقدميه الثابتتين ، يقلب بعينيه الثاقبتين في الجوار
-كان يلاحظها من بعيد وهي ترقب واجهة المتجر-
لم تُعره اهتماما ، تملكه التحدي ، أخذ يلوح بورقة سلوفان أحمر ، وفور أن رأتها
ثار في نفسها حب امتلاك اللفافة الحمراء ، هاجمتها رغباتها في إمتلاك اللفافة .. رفضت الإذعان لها حاول مراوغتها ...
مد يديه المغطاة بذلك القفاز الأصفر السميك البنية وبها تلك الآلة الحادة
_مقص الزرع _قاومت .. حاول مرة أخرى .. ضعفت إرادتها

واطلقت صرخة مدوية ... فاز هو.. حيث سار بها إلى متجر الزهور ..!!

٢٠١١/٠٣/٠٢

المرآة


المرآة
رآها محلقة فبهرته بلونها الأبيض المؤتلق والذي تلاقى مع أشعة الشمس فجعلها تبدو كهالة من نور

ترفرف بجناحيها فوق حلقات الزهور المتنوعة ، المترامية بين جنبات تلك الحديقة الغناء،
تتنقل من زهرة إلى أخرى..

حاول الاقتراب منها ، ولكن كلمااقترب انعكس ظله ، انحصر الضوءبعيدا ، وحلقت هي مبتعدة عنه

عزم أمره على الإيقاع بها

أخرج من جُعبته مرآة ، أدوات للرسم

، قام برسم زهرات تشبه زهرات الحديقة ، نثر عليها من زجاجة عطره ،
ثم عكس ضوء الشمس بالمرآة على الزهور المصنوعة.

ائتلقت متوهجة بألوانها ، وانتقل شذى العطر الزائف
تحمله هبات النسيم إلى الفراشة المحلقة
جذبتها الألوان والرائحه والأضواء المنعكسة
اقتربت منها هُنيهة محاولة ملامستها فاصطدمت بصورة يديه المعكوسة في المرآة ... ؛ طارت .. ولم يُدرك هو ..!!

٢٠١١/٠٣/٠١

أحجار رقعة شطرنج


نزع " الآخر " الرقعة من الصندوق وسطحها فوق منضدة اللعب ॥ ، وضع مقعدي
جمع الجنود البيضاء ولملمها في كفه ، ووضعها كساتر في المقدمة
يليهم صف الرتب يتوسطه الملك
وعندما فرغ.. انتصب في جلسته رافعا رأسه ، مسندا ظهره إلى المقعد واستعد للعب
والهدف هو... اسقاطي في براثن السواد ..!!
لم أكن امتلك الاختيار حينذاك ؛ ولم أرغب يوما في اللعب بتلك الصورة ॥ ولكنه أعلن التحدي ॥ مراهنا على فوزه بالقطع البيضاء .. !!
بدأت برص جنود القطع السوداء ، يليهم الملك ووزيره، ومحاربوه من حوله ..كما تقتضي شروط اللعبة
حرك "الآخر " جنديين إلى الأمام ، منح كلاً منهما خطوة واحدة
كان باستطاعته أن يحرك جندياً واحداً خطوتين، ولكن الحصار فن يجيد استخدامه ، لذا استخدم قطعتين يباعد بينهما أربعة جنود
جاء دوري ... وعلى حذر مني بدأت تحريك جنديين متجاورين ، لم أشأ أن أزج بجندي واحد سريعاً في المجهول ، كما أن وجود الجندي جوار أخيه في المعركة يمنحه قوة لا يحصل عليها الفرد وحده... وإن كان أبيض
لمست في" الآخر " حدة ذكاء وفراسة وقدرة متميزة على تصيد الثغرات ..!!
بكل المقاييس.. كان يجيد اللعب.... إلا أن استهتاره بعقليتي ، وتركيزه على حصاري في ظل الهجوم أفادني كثيرا
سايرته و... بالحيلة ، بدأت تحريك قطعي حركات ساذجة تنُم عن جهل بأصول اللعبة ، وأخرى قويه نابعة من تمرس
أربكته بعض الشئ حيث بدأت تنتابه الحيرة في تصنيفي !! لكنه كان بارعاً في إخفاء اضطرابه ، ولذلك سرعان ما استعاد حالته العادية ، حرك وزيره في كل اتجاه كي يسد علي المآرب كلها
حركت حصاني حركة ثائرة جموح .. أغلقت عليه طريق الحركة
ارتبك كثيرا ... وبعد ما أمعن النظر في الرقعة قليلا
فاجأني بهجمة قوية انكسر على إثرها جندي
لم أُعر ذلك اهتماما و ... حركت جندياً آخر خطوة واحدة أطاح بفيله
أفقده الأمر اتزانه.. فلم يتوقع مني أي هجوم وأنا في نشوة انهيار دفاعي
حاول استئناف اللعب .. تحرك "الآخر" سريعا بالتبييت
أنقذ الموقف .. ، منحته بعض التحركات الرابحة ، وعندها اطمأن .. واستشعر قرب الفوز منه
حينها لم يكن ينقصني سوى خطوة للخلف
كي أقوم بضربتي : كش
فأغمضت عينيّ و لم أتحرك .

.

على حافة الظل


أعانق فجراً شفيفاً ، كُلما امتد بصري نَحو الجدار ...

أجدني أرى صورهم منقوشة هناك .. تسكن كُل مكان.. كُل شيء يَحمل جزءً مني ومنهم ...

أرى بيوتا ، نجوما ، سماء وكلمات ..يفاجئني صوت أمي من خلف الجدار ...

تتعلق في السمَاء الكلمات وَ تصبح نجومًا، رُبمَا أو لعلها ترتحل إلى بلوتو... هه !
في صمت... تتعلق عينا أمي .. بي والجدار.. كانت نظرتها تحمل الكثير ...

بادرتها الحديث ... ، قلت :"يقال على ظهر ذاك الكوكب الحرارة منخفضة ،

و الأشياء الباردة ظاهريًا دائما تحمل الكثير من الحنان ، هكذا هو الجدار يا أماه" ।
- شئ محتمل ॥! لكن ما نُهش في دَواخِله لَا أظنه سيبرأ !

فالمشكلة هي وجود فجوة كبيرة من الألم ، ربما يصبح من الصعب رتقها إذا تمادت ।

عاودت النظر للجدار مرة أخري .. وفى تلك المرة .. كلام أمي يتردد على مسامعي بقوة ...
لكن ... يرعبني عبور نهر الطريق دون وجود جدار .. بدأت رحلتي الممتدة معه ..
جعلته محورا للارتكاز॥ أدور حوله ॥ وأستند عليه ॥ طالما سرت فى طريقي ...يرفعني الرصيف قليلا عن الأرض ॥

ويحتضنني دفء الجدار .. شيئ في خشونته تطمئنني .. آخذ منه ويأخذ مني ..لم يخني الجدار يوما ...

فإذا أردت أن اعبر الطريق إلى آخر ... يسلمني

الجدار لـ أحد أطرافه الممتدة .. فزين الطريق ...

بيت دفء ، أطفال تتسربل أفواههم ببسمات كالنور ...

انظر ويبدو العابرون على الجدار كشخصيات كارتونية مشوهة في عيني...أسند خدي على كف الجدار ..لأكتفي

يأتيني صوت أمي مرة أخرى من خلف الجدار ...

الحياة هي: أن تحزن/ تبكي.. ولا تَجد إلا الجدار وقد يكون الجدَار سبب ألمك

قد أتَانِي بوجهه الآخر مُبتسمًا وَ السخرية تعلو محياه ..

كان شتاؤه قارسا بين جنبات بيت ..

انطفأت الشمس في قصتي ... بعد أن كانت ... أصبح قَادرًا على مَساس فَرحي وَ انتزاعه ..

يا بُنيتي احذري الجدار ...

تنتابني الحيرة ، ويغرقني الخوف في بحوره العقيمة ..

أنظر إليه " الجدار " بطرف عيني ، أراقب ظلي عليه ..

في خشية

أتمايل بعيداً عنه .. يجذبني نحوه بخيوط لا أستطيع أن أراها ، أجد كل الحكايات كتبت عليه ...

وفجأة .. هبت رياحُ .. مِن ليلٍ مُظلم ...

انهارت كتل الجدار الصلبة حولي .. وعلت علامات الاستفهام ...

حاولت تثبيت صورتي ..لكنه كان يتداعى ..

امتد ظله يحتضنني .. صرخت و... تهاوي الجدار.

٢٠١١/٠٢/٢٦

مُصافحة ,؛,


تسير هي على طريق الحُلم بخطوات مرتعشة
تُريد أن تلمح طيف الأمل مرة قبل الرحيل
تأن من ألم وتعتريها أمواج الدموع الجامحة التي تجري
في حلبة الصراع الدائر ما بين يًد تُزيلهاو أخرى تُزيدها
حائرة تلك الوريقة ..!
أيتُها الوريقة
أليست هذه هي دنياكِ ، وقدر الله عليكِ !!
نعم هي دنياي تكتب على سطوري كل يوم في كل لحظة
معالم تلك الحيرة التي تعتريني
وسؤالي
لمَ في كل محاولة اقتراب من نافذة الحُلم كي أعانق الفرح
بحُب تُغلق النافذة وتأبى أن تفتح!!
لمَ !!
أبصرني يا قارئ سطوري أين أجد من يفتح نافذة حُلمي التي تأبى علي !!
أيتُها الوريقة
جوابي لن يكون بالشافي لكِ
فمن أبصر الدنيا بحقيقتها لن يقف علي سطورها التي نقشتها
ولكن يكفيك أن تعلمي أن سطورك الحزينة الحائرة هي مفتاح النافذة
فلتكتشفي تلك السطور بنظرة المحب الراضي
فعندها ستنكشف لكِ حقيقة النافذة
وستجدين مفتاحها بإدراك عُمقها وحقيقتها الغائبة عنكِ ..!
نعم يا قارئي هي الحقيقة التي تاهت بين سطوري
وأبت أن تراها حروفي يوما
فتوجت كل كلماتي بضيق الأفق يعتري سمائي
وزادت من أمطارها غزارة حتى أنطفأت شموع الأمل أمامي
فوثبت خُطى النافذة وأغلقت باب الفرح في وجه أيامي
وماذا بعد أيتُها الوريقة ..؟!!
هل ستسيرين على درب سطورك كما هي ؟!!
أم ستعلنين حروبك عليها .. حتى تلجي باب فرحك ...؟!!
نعم يا قارئي
لن أكمل طريق سطوري هذي وسأعلن حربا شعواء عليها
حتي أتكشف طريق حقيقة أملي وأرى نافذة حُلمي
وعندها سآتيك بقبس نور من باب فرحي
أوتعلم ..! كم اشتقت إلي في حقيقتي الباهرة والتي لم تنكشف لأحد غيري
أيتُها الوريقة
سأنتظرك حتي يسري نور سطورك المضيئة في نبضات عالمي
حسناً يا قارئي
إلى لقاء قريب علي شرفة الحُلم إنتظرني ...